الرئيسية / News / لا تتركوهم وحدهم: عن ضرورة الانتباه للأطفال وحمايتهم

لا تتركوهم وحدهم: عن ضرورة الانتباه للأطفال وحمايتهم

114
WhatsApp Image 2025-05-07 at 6.12.55 PM

في حادثة صادمة أثارت مشاعر الغضب والحزن في قلوب الملايين، أقدمت طفلة صغيرة على رمي طفل يبلغ من العمر أربع سنوات في بئر عميق، لتتحول لحظة لعب بريئة إلى كارثة مؤلمة تُطرح فيها العديد من الأسئلة حول غياب الرقابة، ومحدودية الوعي لدى الأطفال، والمسؤولية الجماعية التي تقع على كاهل الأهل والمجتمع.

هذه الحادثة ليست مجرد قصة مأساوية، بل جرس إنذار حقيقي، يُنبهنا إلى أننا في كثير من الأحيان نغفل عن أهم ما نملك: أطفالنا. وفي ظل هذا العالم المعقّد والمتسارع، بات من الضروري أن نعيد النظر في طريقة تعاملنا مع الأطفال، ونراجع أدواتنا في حمايتهم، وتربيتهم، وتثقيفهم نفسيًا واجتماعيًا.


👶 الطفولة ليست مرحلة عابرة.. بل مسؤولية دائمة

الطفل في سنواته الأولى لا يملك القدرة الكافية على التمييز بين الخير والشر، ولا يستطيع إدراك حجم العواقب التي تترتب على تصرفاته. وما حدث في قصة الطفلة التي رمت الطفل في البئر يؤكد أن التصرفات الطفولية قد تحمل أخطارًا لا تُتوقع، خصوصًا إذا لم تكن هناك رقابة كافية وتوعية متواصلة.

الطفولة ليست مجرد مرحلة بريئة، بل هي مساحة حساسة يتم فيها بناء شخصية الإنسان، وتتشكل فيها مفاهيمه الأولى عن العالم. وهنا تأتي أهمية الدور التربوي الذي يقوم به الأهل، والمعلمون، وكل من يتعامل مع الطفل بشكل مباشر.


🧠 الأطفال لا يولدون بعقول ناضجة

من الأخطاء الشائعة أن نحمّل الأطفال مسؤولية تصرفاتهم كما لو كانوا بالغين. الطفل لا يفكر مثل البالغ، ولا يُدرك الأمور بنفس المنطق. فعقل الطفل في مرحلة ما قبل السبع سنوات يعتمد على الخيال والاندفاع العاطفي أكثر من المنطق والعقلانية.

ما قد يبدو لنا “جريمة” قد يكون في ذهن الطفل “لعبة” أو “رد فعل بسيط” أو حتى “تجربة” لفهم العالم من حوله. وهذا لا يعني تجاهل الفعل أو تبريره، بل يعني ضرورة فهم جذوره، والبحث عن السبب الذي جعل طفلًا يقدم على فعل مؤذٍ بهذه الصورة.


👁️ غياب الرقابة.. جذر الخطر

الطفولة تحتاج إلى رقابة لا تعني التضييق، بل تعني الحماية. في كثير من البيوت، تُترك الأطفال يلهون دون إشراف حقيقي، سواء في الشارع أو أمام الهواتف والشاشات، ونفترض أنهم “بخير” ما داموا لا يصرخون أو يبكون. لكن الحقيقة أن الغياب الجسدي للأهل أو انشغالهم، قد يكون هو الباب الذي تنفذ منه الكوارث.

الطفل لا يُدرك حجم الخطر، وقد يتعرض لحوادث قاتلة في لحظة واحدة. وهنا لا نتحدث عن المواقف المتوقعة فحسب، بل أيضًا عن أفعال من أطفال آخرين لا يملكون النضج الكافي، أو قد يكونون تأثروا بمحتوى مؤذٍ، أو يمرون بأزمات نفسية صامتة.


🧑‍🏫 دور الأسرة في بناء الوعي منذ الصغر

الأسرة هي البيئة الأولى التي يتشكّل فيها وعي الطفل، وتتشكل فيها منظومته الأخلاقية. إذا نشأ الطفل في جو يتعامل مع العنف بشكل طبيعي، أو يرى في العقاب الجسدي وسيلة للتعبير عن الغضب، أو يشهد شجارات متكررة، فإنه يختزن هذا كله ويتفاعل معه لاحقًا بطريقته الخاصة.

من المهم أن يتعلم الطفل من صغره:

Advertisement - إعلان
  • معنى التعاطف

  • احترام الآخرين

  • خطورة الأذى الجسدي

  • التمييز بين المزاح والخطر

التعليم لا يبدأ من المدرسة، بل من طريقة تعامل الأب مع الأم، وطريقة تعامل الأهل مع الطفل نفسه.


📱 المحتوى الإلكتروني: الغول الصامت

لا يمكن تجاهل دور المحتوى الرقمي في تشكيل عقلية الطفل. كثير من الأطفال يشاهدون فيديوهات عنيفة، ألعابًا مليئة بالموت والدماء، مقاطع تُصوّر الأذى وكأنه بطولة، كل ذلك دون رقابة حقيقية من الأهل.

وهنا يصبح الخطر مضاعفًا، لأن الطفل يبدأ في تقليد ما يراه، دون أن يُدرك أنه يقلّد مشهدًا غير إنساني. في ظل هذا، تصبح تصرفات مثل رمي شخص في مكان مرتفع، أو دفع طفل آخر إلى السقوط، مجرد “لعبة مثيرة” كما تراها عين الطفل المتأثرة بما يشاهد.


🧒 التربية على التحكم بالمشاعر

من الضروري أن يتعلم الأطفال من سن مبكرة كيف يعبرون عن غضبهم دون إيذاء الآخرين. فالطفلة التي ألقت الطفل في البئر، قد تكون فعلت ذلك بدافع الغيرة أو الغضب أو الفضول. وهنا يبرز دور الأهل في تعليم أطفالهم:

  • أن الغضب شعور طبيعي، لكن إيذاء الآخرين غير مقبول.

  • كيف يطلبون المساعدة عند الإحساس بعدم الراحة.

  • أن كل فعل له عواقب، حتى لو كان بدافع اللعب.

التربية العاطفية لا تقل أهمية عن التربية الأخلاقية، بل هي ركيزتها الأساسية.


📣 دور الإعلام والمجتمع

ليس الأهل وحدهم المسؤولون. الإعلام والمدرسة والبيئة المحيطة تشارك جميعًا في تشكيل وعي الطفل. يجب أن تكون هناك حملات توعية موجهة للأهالي والأطفال حول أهمية السلامة، والحذر، والمراقبة، وكيفية التصرف في المواقف الخطيرة.

كما أن قصصًا مثل قصة “الطفل في البئر” يجب ألا تُعامل كمجرد أخبار صادمة تُستهلك ثم تُنسى، بل يجب أن تُحوّل إلى محاور نقاش في البرامج، والمدارس، والمجالس الأسرية.


⚖️ هل الأطفال مسؤولون قانونيًا؟

في كثير من الدول، لا يُحاسب الطفل جنائيًا إذا كان عمره أقل من حد معيّن (غالبًا 7 سنوات أو 12 سنة)، لأن الطفل لا يُعتبر مسؤولًا عن أفعاله بنفس طريقة الشخص البالغ. ومع ذلك، قد يتم اتخاذ إجراءات حماية وإعادة تأهيل، أو تحميل المسؤولية للأهل في حال الإهمال.

الحل ليس في العقاب فقط، بل في الوقاية. وكلما تمكّنا من منع مثل هذه الحوادث قبل وقوعها، كلما كان المجتمع أكثر أمنًا واستقرارًا.

Advertisement - إعلان

💔 ضحايا بلا ذنب.. وأطفال بحاجة إلى احتواء

في هذه الحادثة، خسرنا طفلًا بريئًا لم يكن يتوقع أن يتحول لعبه إلى مصير مأساوي. كما أن الطفلة التي ارتكبت الفعل ليست “مجرمة”، بل ضحية بيئة لم تفهمها، ولم توجهها، ولم تحتضنها بالشكل الصحيح.

هذا يدفعنا للتفكير في أطفالنا بعيون جديدة: أطفال ليسوا فقط بحاجة إلى التعليم والطعام، بل إلى الحب، والحماية، والملاحظة المستمرة.


🧭 خطوات عملية لحماية الأطفال:

  1. عدم ترك الأطفال بمفردهم دون إشراف في الأماكن العامة أو البيوت غير المؤمنة.

  2. توعية الأطفال بخطورة إيذاء الآخرين، حتى عن طريق المزاح أو اللعب.

  3. منع الوصول غير المُراقب إلى الإنترنت أو المحتويات العنيفة.

  4. فتح باب الحوار مع الأطفال يوميًا لمعرفة ما يشعرون به ويفكرون فيه.

  5. التبليغ عن أي محتوى خطير أو سلوك عدواني يُلاحظ في الطفل، حتى لو بدا بسيطًا.


✨ خاتمة

كل طفل هو مشروع حياة، وإذا أهملنا تفاصيل هذه الحياة الصغيرة، قد نصحو على كوارث لا يمكن إصلاحها. حادثة الطفل الذي سقط في البئر على يد طفلة صغيرة، هي مأساة لا تُنسى، لكنها أيضًا دعوة صادقة لأن نصحو، ونراقب، ونتعلم من أخطائنا.

أطفالنا لا يحتاجون منا فقط إلى الحماية، بل إلى الوعي، والتوجيه، والمراقبة بالحب، لا بالخوف. فهم ليسوا مسؤولين عن ضياعهم، بل نحن من نتحمّل هذه المسؤولية.

لمشاهدة الفيديو اضغط هنا

 
Report

تعليقات

Advertisement - إعلان