تعرضت الأسواق المالية لهزة كبيرة خلال شهر أكتوبر الماضي نتيجة مجموعة من العوامل، من بينها الموجة الثانية لفيروس كورونا التي توسعت بقوة في الولايات المتحدة وأوروبا مما أدى إلى فقد الزخم لانتعاش اقتصادي قريب، بالإضافة إلى تأزم المفاوضات في الكونجرس حول صفقة التحفيز الثانية في ظل الانقسامات والخلافات بين الحزب الديمقراطي والجمهوري، ومن جهة أخرى أثارت الانتخابات المثيرة للجدل شبح حدوث أزمة دستورية، وزاد من خسائر السوق الأنباء التي أفادت بأن نتائج اختبار فيروس كورونا للرئيس “دونالد ترامب” وزوجته ميلانيا جاءت إيجابية قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية
تراجعت أسواق مؤشرات الأسهم الأمريكية عقب الأنباء التي أشارت إلى إيجابية اختبار فيروس كورونا للرئيس “دونالد ترامب” مما أدى إلى حالة من الإحباط بين المستثمرين المتلهفين لاستقرار السوق، وانخفضت المؤشرات الثلاثة الرئيسية داو جونز وستاندرد آند بورز 500 وناسداك ما بين 1% و 2.2%.
إصابة ترامب بفيروس كورونا والانتخابات الرئاسية
وقال محللون أن إصابة الرئيس ترامب بكوفيد 19 من المحتمل أن تُغير مسار حملته الانتخابية، وستزيد هذه الإصابة من حالة عدم اليقين السياسي المحيط بالانتخابات الرئاسية، كما أنه يمثل حدثًا آخر خطير على السوق، ووصف البعض إيجابية اختبار الفيروس لترامب أنها تغير من قواعد اللعبة لسلوك السوق على المدى القصير.
وقد أثر ذلك على مؤشر VIX (مقياس الخوف) الذي يقيس تقلبات الأسعار المتوقعة في سوق الأسهم الأمريكية الذي ارتفع بنحو 6%، وهذا يشير إلى قيام المستثمرون ببيع الأصول ذات المخاطر العالية في أوقات عدم اليقين وغالبًا ما يتحولون إلى أصول ذات الملاذ الآمن مثل سندات الخزانة والين الياباني.
لقد كان رد فعل السوق متقطع نظرًا للمستوى العالي من عدم اليقين، ولكن رد فعل السوق في النهاية اعتمد على عدة أمور،
وهي إلى أي مدى سيظل ترامب مُصاب بالفيروس أو يظل بدون أعراض، وهل سيحصل على تعاطف التصويت والآثار المترتبة
على الانتخابات المتنازع عليها أم سيتم تأجيلها.
وتستعد الولايات المتحدة لإجراء انتخابات رئاسية في الثالث من نوفمبر الجاري التي تعد أكثر أهمية من الحرب العالمية الثانية،
وسط حالة من عدم اليقين خاصة بعدما انتقد الرئيس ترامب بطاقات الاقتراع عبر البريد ورفض الالتزام بالنقل السلمي للسلطة،
الأمر الذي أثار تكهنات وجدل واسع حول ما سيجري بعد نتائج الانتخابات، لهذا فمن المحتمل أن تستمر تقلبات الأسواق
حتى بعد الانتخابات في 3 نوفمبر.
لقد تلاشي انتعاش السوق الصاخب خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأعاذ البعض ذلك إلى قيام المستثمرين بدمج المخاطر
السياسية في توقعاتهم بشكل نسبي، حيث تتزايد المخاوف من فوز الديمقراطيين المحتمل نظرًا لزيادة الضرائب وزيادة
التنظيم بما سيكون له آثار سلبية على الشركات فسيتم تقليص الأرباح وستضر أسعار الأسهم، على الرغم
من أنه قد يزيد من احتمالات المزيد من التحفيز للاقتصاد.
هناك مخاوف أيضًا تجاه رفض الرئيس ترامب نتائج الانتخابات في حالة خسارته وهذا ما كرره في كثير من المناسبات،
كما ستكون النتائج المتقاربة والمتنازع عليها مع فترة طويلة من التنازعات وعدم الاستقرار ستكون لها آثار سلبية أيضًا على السوق.
تلاشي الآمال بإبرام صفقة التحفيز
خلال شهر أكتوبر بدأت مباحثات على فترات بين رئيسة مجلس النواب “نانسي بيلوسي” ووزير الخزانة “ستفن منوشين” لاتخاذ قرار بشأن ابرام صفقة التحفيز الثانية لدعم الاقتصاد المتضرر من جائحة فيروس كورونا، حيث يقر الديمقراطيون في مجلس النواب حزمة مساعدات مالية بقيمة 2.2 تريليون دولار في المقابل يتم الاعتراض عليها في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وعلى مدار الشهر كانت الآمال تُثار وتتلاشي بشكل دوري مع تناوب المسؤولين الحكوميين على انتقاد بعضهم البعض.
ومع قيام شركات الطيران وكبرى الشركات في الولايات المتحدة بالإعلان عن تخيلها عن الكثير من موظفيها،
وإعطاء الإجازات دون أجر نظرًا لتضررها البالغ نتيجة فيروس كورونا، كان الكثيرون يهتمون بالجولة الثانية من المساعدات من الكونجرس.
وتصدر كل من رئيسة مجلس النواب “نانسي بيلوسي” ووزير الخزانة “ستيفن منوشين” للتفاوض على الصفقة الثانية مثلما فعلوا في عملية الإنقاذ السابقة التي وافق عليها الكونجرس في مارس الماضي، لكن الانقسام الحزبي المتزايد في الولايات المتحدة أعاق تقدم المفاوضات إلى جانب اقتراب الانتخابات الرئاسية.
الاقتصاد الأمريكي هش مع تفشي الوباء
تأثرت معنويات المستثمرين بشكل كبير مع استمرار انتشار الموجة الثانية من وباء فيروس كورونا في جميع أنحاء الولايات المتحدة،
حيث قفزت أعداد حالات الإصابة الجديدة لمستويات قياسية، مما زاد من المخاوف حيال تعافي الاقتصاد الأمريكي من الأضرار التي تكبدها خلال أزمة كورونا الأولي في مارس.
إضافة إلى تلك المعنويات المحبطة أظهرت وزارة العمل الأمريكية وظائف بالقطاع غير الزراعي بأقل من المتوقع خلال شهر سبتمبر فيما تراجع معدل البطالة بأكثر من المتوقع، في إشارة على أن التعافي الاقتصادي بدأ يفقد قوته.
كشف الاقتصاد الأمريكي عن تقرير النمو خلال الربع الثالث من هذا العام، الذي شهد نموًا بوتيرة سريعة بأكثر من 33% بأعلى من التوقعات بعد تسجيله أسوأ ركود فصلي في الربع الثاني، ولكن قد يتلاشى هذا الانتعاش مع تزايد المخاطر خاصة مع توسع الموجة الثانية في انتشارها في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
الأسواق: الأصول المالية الأخرى تتأثر هي الأخرى
شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا عقب الأنباء عن إصابة ترامب بالفيروس، في نفس الوقت واصلت أسعار النفط خسائرها،
تفاعلت أيضًا أسواق الفوركس حيث ارتفع الفرنك السويسري والدولار الأمريكي والين الياباني التي تعتبر العملات ذات الملاذ الآمن،
يأتي هذا مع تزايد اقبال المستثمرين على شراء الأصول الآمنة بينما عزفوا عن المخاطرة في الأسواق،
حيث ارتفعت معدلات التقلب بشكل كبير.